بحث هذه المدونة الإلكترونية

الثلاثاء، 19 أكتوبر 2010

الاعتصام بالكتاب والسنة سبيل النجاة (من كتابي صفة العالم والمتعلم)


من الصفاتِ التي يجبُ على العلماءِ وطلبةِ العلمِ أن يلتزموها ضرورةُ التمسكِّ بالكتابِ و السنةِ، فالاعتصامُ بالكتابِ والسنةِ هو أساسُ وأصلُ النجاةِ في الدنيا والآخرةِ ؛ قال اللهُ U: ]وَمَن يَعْتَصِم بِالله فَقَدْ هُدِيَ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ [ [آل عمران:101] . وقال تعالى: ]قَدْ جَاءَكُم مِّنَ الله نُورٌ وَكِتَابٌ مُّبِينٌ (15) يَهْدِي بِهِ الله مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلاَمِ وَيُخْرِجُهُم مِّنِ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ [ [المائدة:16،15]. وقال تعالى: ]وَهَـذَا كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ فَاتَّبِعُوهُ وَاتَّقُواْ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ [ [الأنعام:155].وقال تعالى: ]فَإِمَّا يَأتِيَنَّكُم مِنِّي هُدًى فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلاَ يَضِلُّ وَلاَ يَشْقَى [ [طه:123].
- وأما وجوبُ طاعةِ الرسولِ r فهو مستفادٌ من الكتابِ أيضا ؛ قال تعالى : ]قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ الله فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ الله وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَالله غَفُورٌ رَّحِيمٌ  [[آل عمران:31].وقال I: ]وَمَن يُطِعِ الله وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ [ [النساء:13]. وقال I: ]فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّىَ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لاَ يَجِدُواْ فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُواْ تَسْلِيمًا[ [النساء:65]. وقال تعالى: ]قُلْ أَطِيعُوا الله وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ فَإِن تَوَلَّوا فَإِنَّمَا عَلَيْهِ مَا حُمِّلَ وَعَلَيْكُم مَّا حُمِّلْتُمْ وَإِن تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا وَمَا عَلَى الرَّسُولِ إِلاّ الْبَلاغُ الْـمُبِينُ [ [النور:54]. وقال تعالى فيمن خالف أمرَ النبيِّ r: ]فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَن تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ [ [النور:63]. وقال اللهُ U: ]وَمَا كَانَ لِـمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى الله وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَن يَكُونَ لَـهُمُ الْـخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَن يَعْصِ الله وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالاً مُّبِينًا [ [الأحزاب:36].
فالاعتصامُ بالكتابِ والسنةِ أصلُ النجاةِ والإعراضُ عنهما أصلُ الضلالِ والزيغِ
- عن جابرِ بنِ عبدِ اللهِ رضِي اللهُ عنهما قال: قال النبيُّ r: "تركت فيكم ما لن تضلوا بعده إن اعتصمتم به؛ كتابَ اللهِ، وسنةَ نبيه" ([1]).
ولا ينبغي التفريقُ بينَ الكتابِ والسنةِ بل ينبغي التمسكُ بهِمَا معًا
- عن أبي رافع t قال: قال رسولُ اللهِ r: " لَا أُلْفِيَنَّ أَحَدَكُمْ مُتَّكِئًا عَلَى أَرِيكَتِهِ يَأْتِيهِ الْأَمْرُ مِنْ أَمْرِي مِمَّا أَمَرْتُ بِهِ أَوْ نَهَيْتُ عَنْهُ، فَيَقُولُ : لَا نَدْرِي، مَا وَجَدْنَا فِي كِتَابِ اللَّهِ اتَّبَعْنَاهُ " ([2]).
وقد سار سلفنا الصالح على هذا النهج من الاعتصام بالكتاب والسنة
- عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ، أَنَّ رَجُلًا يُقَالُ لَهُ: صَبِيغٌ. قَدِمَ الْمَدِينَةَ ، فَجَعَلَ يَسْأَلُ عَنْ مُتَشَابِهِ الْقُرْآنِ ، فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ عُمَرُ وَقَدْ أَعَدَّ لَهُ عَرَاجِينَ النَّخْلِ، فَقَالَ: مَنْ أَنْتَ؟ قَالَ: أَنَا عَبْدُ اللَّهِ صَبِيغٌ. فَأَخَذَ عُمَرُ عُرْجُونا مِنْ تِلْكَ الْعَرَاجِينِ فَضَرَبَهُ وَقَالَ : أَنَا عَبْدُ اللَّهِ عُمَرُ. فَجَعَلَ لَهُ ضَرْباً حَتَّى دَمِىَ رَأْسُهُ ، فَقَالَ : يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، حَسْبُكَ، قَدْ ذَهَبَ الَّذِى كُنْتُ أَجِدُ فِى رَأْسِى.([3])
- وعَنْ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ ، قَالَ : سَمِعْتُ رَجُلًا، يَسْأَلُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبَّاسٍ، عَنِ الْأَنْفَالِ؟ فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ " الْفَرَسُ مِنَ النَّفَلِ، وَالسَّلَبُ مِنَ النَّفَلِ "، قَالَ : ثُمَّ عَادَ الرَّجُلُ لِمَسْأَلَتِهِ، فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ : ذَلِكَ أَيْضًا، ثُمَّ قَالَ الرَّجُلُ : الْأَنْفَالُ الَّتِي قَالَ اللَّهُ فِي كِتَابِه مَا هِيَ؟ قَالَ الْقَاسِمُ : فَلَمْ يَزَلْ يَسْأَلُهُ حَتَّى كَادَ أَنْ يُحْرِجَهُ، ثُمَّ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ : " أَتَدْرُونَ مَا مَثَلُ هَذَا؟ مَثَلُ صَبِيغٍ الَّذِي ضَرَبَهُ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ " . ([4])
- قال الشافعيُّ رحِمه اللهُ ([5]):
كلُّ العلومِ سوى القرآنِ مشغلة>><<إلا الحديثَ وعِلمَ الفقهِ في الدينِ
العلمُ ما كان فيه قال :حدَّثنا>><<وما سوى ذاك وسواسُ الشياطينِ
- وقال الذهبيُّ رحِمه اللهُ:إذا رأيت المتكلمَ المبتدعَ يقولُ: دعنا من الكتابِ والأحاديثِ وهاتِ العقلَ .فاعلمْ أنه أبو جهلٍ، وإذا رأيت السالكَ التوحيديَّ يقولُ: دعنا من النقلِ ومن العقلِ وهاتِ الذوقَ والوجدَ. فاعلمْ أنه إبليسُ قد ظهر بصورةِ بشرٍ أو قد حلَّ فيه، إن جبنت منه فاهربْ، وإلا فاصرعه وابركْ على صدرِه واقرأْ عليه آيةَ الكرسيِّ واخنقه  ([6]).
- قال الإمامُ الأوزاعيُّ رحِمه اللهُ: عليك بآثارِ من سلفَ وإن رفضك الناسُ ، وإياك وآراءَ الرجالِ وإن زخرفوه بالقولِ؛ فإن الأمرَ ينجلي وأنت على طريقٍ مستقيمٍ([7]).
- فياا طلبة العلم إياكم وأصحابَ الرأيِ؛ فإنهم أعداءُ السننِ، أعيتهم الأحاديثُ أن يحفظوها فقالوا بالرأيِ، فضَلُّوا وأَضَلُّوا ([8]) .


([1]) أخرجه مسلم (1218)/(147)، وأبو داود (1905)، والترمذي (3786)، والنسائي فى الكبرى (40019)، وابن ماجه (3074). وأخرجه أخرجه أحمد (11561) من حديث أبي سعيد. وليس عندهم:"وسنة نبيه".وأخرجه المروزى فى السنة (68)، والآجرى فى الشريعة (1704)، والحاكم 1/93من حديث ابن عباس بالزيادة المذكورة.
([2]) أخرجه أحمد (23244)، وأبو داود (4605)، والترمذي (2663)، وابن ماجة (13)، والشافعي في مسنده(729) .
([3]) أخرجه عبد الرزاق (20906)، والدارمى (150)،(146) والبزار (299)، وابن عبد الحكم فى فتوح مصر وأخبارها ص168، والآجرى فى الشريعة (153)،واللالكائى فى شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة(1138).
([4])أخرجه مالك في الموطأ(959) .

([5]) ديوان الشافعي ص48 .
([6]) السير 4/472 .
([7]) أخرجه البيهقي في المدخل (233) ، والخطيب فى شرف أصحاب الحديث ص7، وابن عبد البر في جامع بيان العلم وفضله 2/44، وابن الفضل القيسراني في كتاب السماع ص 74 عن الأوزاعي .

([8])روي هذا القول عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه بإسناد ضعيف  أخرجه الدارمى (121)، وابن شبة فى أخبار المدينة (1363)، والدارقطنى4/146 -ومن طريقه البيهقى فى المدخل (213)- واللالكائى فى شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة(201)، والخطيب فى الفقيه والمتفقه1/452، وابن عبد البر فى جامع بيان العلم وفضله2/135،134،123من طرق عَنْ مُجَالِدٍ ، عَنِ الشَّعْبِيِّ ، عَنْ عَمْرِو بْنِ حُرَيْثٍ ، عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ به. قلت: ومجالد بن سعيد ضعيف الحديث

هناك تعليق واحد: